قد يستحوذ مخيم عين الحلوة على اهتمام المجتمعين العربي والدولي، وطبعاً، المجتمع اللبناني، بسبب ما يجري فيه من أحداث عسكرية دموية. لكن ذلك لا يعني أنه المخيم الوحيد الذي يجب أن "يشغل البال". ففي مخيم صبرا وشاتيلا، الذي لم يعد بالإمكان تسميته بالمخيم بسبب تحولاته الجغرافية والديمغرافية، أمور لا يجب أن تظل بعيدة عن الأضواء، لكونها باتت تشكل خطراً اجتماعياً يكاد يصل حد الانفجار.
منذ أكثر من 70 عاماً بدأ تكوين مخيم صبرا وشاتيلا، الذي يسكنه اليوم حسب مصادر أمنية لبنانية حوالى 30 ألف شخص، نصفهم على الأقل من الفلسطينيين، والبقية متعددي الجنسيات، من لبنانيين وسوريين وأفارقة وبعض الجنسيات الأخرى. وتُشير المصادر عبر "المدن" إلى وجود عدد كبير من مكتومي القيد يسكنون المخيم، وهؤلاء يعيشون دون أي أمل في المستقبل.
أسبوع حافل في صبرا وشاتيلا
حادثتان حصلتا خلال أسبوع تُظهران الواقع الصعب الذي تعانيه منطقة صبرا وشاتيلا، والبداية من التسجيل المصور الذي يُظهر عملية اغتصاب فتاة قاصر داخل منطقة صبرا. الأمر الذي أثار الرأي العام وحركه بعد اكتشاف تفاصيل الحادثة، والتي -حسب المصادر الأمنية- أظهرت شبكة أوسع تمارس النوع نفسه من العمليات التي تبدأ باستهداف الفتيات، قاصرات وغير قاصرات، عبر الترغيب بداية ثم الترهيب. إذ يكون الترغيب باستخدام المال والمخدرات والهدايا، ثم الترهيب وهو الأكثر حصولاً، حيث يتم استدراج الفتيات وتصويرهن بوضعيات جنسية لحثّهن على ممارسة الرذيلة مقابل عدم نشر الصور.
وحسب المصادر، فإن هذه الحادثة فتحت الباب على مسألة تجارة البشر التي تحصل بكثرة في تلك المنطقة، التي تتقاسم السلطة فيها أحزاب فلسطينية ولبنانية، مشددة على أن المسألة أصبحت تحت نظر الأجهزة الأمنية، التي باشرت التوسع بالتحقيقات، بعدما ثبت لديها أن الحادثة ليست عابرة ولا وحيدة، بل هي جزء من عمليات أوسع تتم هناك، يذهب ضحيتها فتيات من مختلف الجنسيات، منهنّ من يدخل مجال عمل الدعارة، ومنهنّ من يعيش مذلولاً مصاباً بجروح نفسية لا تندمل ولا تُعالج.
مقتل المطلوب رقم واحد بأحداث خلدة
ما تسرّب بعد هذه الحادثة هو القليل فقط مما يجري داخل هذه المنطقة، التي تضمّ سوقاً كبيراً تُباع فيه "كل أنواع المسروقات"، تقول المصادر، مشيرة عبر "المدن" إلى أنها تحولت إلى ملجأً للخارجين عن القانون وتجار المخدرات. وتضيف: "من الخارجين عن القانون الذين وجدوا بشاتيلا ملجأ للحماية محمد .ج.م، بالملقّب بالغوراني"، مشيرة إلى أن الشاب المعروف أيضاً بـ"القناص" هو أحد المشاركين بأحداث خلدة التي قُتل فيها عدد من الأشخاص خلال تشييع علي شبلي، وقد ثبُت للأجهزة إدانته بإطلاق النار من قناصته، وهو المطلوب رقم واحد في القضية.
الشاب الفلسطيني الذي وُلد عام 1997 لجأ إلى شاتيلا، وبدأ عمله بتجارة المخدرات حتى أصبح من أبرز الأسماء في هذه التجارة، فارق الحياة في 21 أيلول، أي منذ أيام قليلة، حيث وُجد مضرجاً بدمائه، وتم نقله إلى مستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة.
بعد وفاته اندلعت اشتباكات في الحي الغربي لمخيم شاتيلا بين عائلة الغوراني و"رجاله" وآخرين، هم من تجار المخدرات، بسبب رفض هؤلاء دفع ثمن المخدرات التي اشتروها من الشاب قبل وفاته، الأمر الذي أشعل الحي الغربي لساعات، علماً وفاة الغوراني -وفق تقرير الطبيب الشرعي- كانت بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، بينما الدماء التي وجدت على الجثة وقربها كانت بسبب ارتطامه القوي بالأرض.
عادة ما تدخل الأجهزة الأمنية إلى تلك المنطقة في ظروف معينة وقضايا أساسية، تُعنى بالإرهاب أو جرائم القتل وتجارة المخدرات، فتقوم بعمليات خاطفة داخل المخيم لتوقيف هؤلاء، آخرها تلك التي حصلت في تموز، يوم دهمت وحدة من الجيش تؤازرها دورية من مديرية المخابرات مستودعًا لتخزين المخدرات.. أو تنتظر خروج المطلوبين منها لتوقيفهم، كما فعلت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، التي أوقفت "الشقّور"، قائد عصابة تمتهن السرقة والسلب وتجارة المخدرات، في عملية نوعية في حراجل.
المصدر: المدن