UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

جزر البليار الراقصات -2

المهم أن تكون في تلك الجزر غير مسؤول عن شيء، إلا عن نفسك الأمّارة بالحب وعشق المسافات، هنا في الجزر الراقصات الوقت مشاع، وكثيراً ما يتماهى الليل بالنهار، وساعات اليد معطلة لحين، والكل هنا آت لكي لا يحصي أحد عليه الوقت أو ما يصرف أو كيف يعيش عطلته أو أي ضجر يمكن أن يسببه له أحد، هنا الكل ملتهٍ بنفسه ولنفسه، وقلما تجد أحداً يلتفت لك، إلا إن كان حديثاً لقرب كرسيين في مقهى أو مشرب أو لتجاورك مع أحد السياح الفضوليين، زبائنها الحاضرون جلهم من الشباب ومنتصفي العمر أو أولئك الأثرياء الذين يمكن أن تميزهم ولو لبسوا سروالاً كتانياً وقميصاً مفتوح الصدر وقبعة من قش، فالجميع هنا.. بين من له يخت راسٍ أو آتٍ بطائرة صغيرة خاصة أو ضمن الرحلات الجماعية لتلك السفن المدائن عابرات البحور، وحدهن متصيدات الأغنياء، وحديثو النعمة، والنصابون على عجل، يمكن أن يقاطعوا نهارك أو يطلعوا على همسات ليلك أو يقدموا لك مشاريع ناقصة، ولا يمكن مناقشة تفاصيلها في تلك الرحلة التي غامرت باتجاه تلك الجزر بغية الفرح وحده، والسكينة وحدها، تاركاً كل الأشياء خلفك راسية على اليابسة.
هذه الجزر بنت نفسها وحضّرتها لتكون جزر الرحلات الجماعية منذ بداية الخمسينيات، كان الإنجليز والألمان من شجع السياحة فيها، التي بدأت بأعداد قليلة، اليوم يؤمها أكثر من سبعة ملايين سائح لإحدى جزرها، وتعد برشلونة المدينة الأقرب لتلك الجزر، والتي يزورها سنوياً 32 مليون سائح، وإسبانيا 72 مليون سائح سنوياً، ومع تلك الطفرة السياحية وبناء البنية التحتية والخدماتية في تلك الجزر، رفعوا من درجة الزائرين لها، واقتصرت من العامة للنخبة، وملاك البيوت الصيفية من المشاهير في العالم، لكن اليوم ظهرت الدعوات لتقليل أعداد الزوار، وتقليص نسبة المرتادين لشواطئها حفاظاً على نوعية المناخ، وما يمكن أن يؤثر على البيئة بسبب تدفق السياح لها، وفوق طاقاتها الاستيعابية، والذي يشكل ضغطاً على بنيتها، ومضايقة لسكانها.
تاريخياً هذه الجزر احتلتها جزيرة رودس بعد حرب طروادة، وكانت ضمن ممتلكاتها، وفي عام 89هـ، 708م، غزاها موسى بن نصير وابنه عبدالله، بعد أن قضيا على ثورة البربر، وأخضعا بلاد المغرب، وطردا البيزنطيين من تلك الحزر، وضماها للدولة الأموية، وفي عام 903م، قام القائد البحري عصام الخولاني بتأسيس مدينة مايوركا التي أصبحت عاصمة لهذه الجزر، وبنى فيها المراكز العلمية، وسميت تلك الجزر الجزائر الشرقية، حتى الأعوام 1228-1232م، حينما احتل ملك أراغون وكونت برشلونة هذه الجزر، وعادت ممتلكات إسبانية، مساحتها لا تصل إلى 5 آلاف كيلو متر مربع، وعدد سكانها يزيد على مليون نسمة، وجوها معتدل طوال العام، وفيها فنادق ضخمة وراقية، ومطاعم ارتبطت بحضور مشاهير السياسة والفن والرياضة، كل وسائل التنقل لها ميسّرة، وخاصة العبّارات التي تحمل السيارات، ووسائل النقل الخاصة، وتعد وجهة أساسية لقضاء شهر العسل، والمناسبات الخاصة، وممارسات الرياضات البحرية المختلفة، وهي من الأماكن التي تليق بتقاعد محترم لأشخاص تعبوا كثيراً في حياتهم، وصادفتهم تقلبات فيها حتى كادوا أن يبدؤوا من الصفر.